كلمة المحرر

هل سينكشف اللثام عن حقائق حوادث الإرهاب المنفذة في مدينة "ممباي"؟

 

 

 

منذ نحو الساعة 10 من الليلة المُتَخَلِّلة بين الأربعاء والخميس: 26-27 ذوالقعدة 1429هـ / 26-27 نوفمبر 2008م حتى نحو الساعة 7 من صباح يوم الجمعة: 29/ ذوالقعدة 1429هـ = 29/نوفمبر 2008م ظلّت الهند تخوض معركةً داميةً رقص فيها الموتُ الزؤامُ مع الإرهابيين الذين قيل: إن عددهم لم يتجاوز 10 أفراد هجموا على مدينة "مُمْبَايْ" – بُومْبَايْ سابقًا – قادمين من باكستان عن طريق البحر.

وفي أوّل وهلة بادرت وسائلُ الإعلام والمصادرُ الحكوميَّة كلُّها إلى الجزم بأن الإرهابييّن باكستانيّون أو معظمهم من سكان باكستان، وكلَّهم قد تَلَقَّوْا تدريبات عسكريّة وإرهابيّة على أرض باكستان.

       وحدث توتّر شديد في العلاقات القائمة بين البلدين إثر الحادث أدّى إلى الضغط الشديد على باكستان من قبل الهند أوّلاً ومن قبل المحافل الدوليّة – التي كسبت الهندُ تعاطفَها عاجلاً لكونها مضطهدة بأعمال إرهابيّة مشار إليها – ثانيًا ، حتى إن مجلس الأمن الدوليّ أصدر القرار باعتبار "جماعة الدعوة" الباكستانيّة الخيريّة بفروعها العديدة إرهابيّة وأصدر إلى باكستان تعليمات صارمة بالحظر عليها واعتقال المسؤولين عنها . وفعلاً بادرت باكستان إلى تنفيذ التعليمات عن جديّة وعزم وأقفلت مكاتبها وألقت القبض على عامليها والمسؤولين عنها أو فرضت عليهم الحظر وحبستهم في بيوتهم .

       ولا تزال الدولتان تتبادلان التهم وتخوضان حربًا كلاميّة متّصلة تكاد لا تنتهي عاجلاً.

       والحادثُ الأليمُ ترك تساؤلات عريضةً يعكف المُحَلِّلُون على التوصّل إلى إجابات شافية لها من خلال دراسة عميقة جادّة للأحداث وتداعياتها.

       وأكبر تساؤل يتّصل بنظام الأمن الداخلي الهندي ؛ حيث إن 10 من الإرهابيين فقط كيف استطاعوا أن يخترقوا الحواجز الأمنية المقامة عبرالبحر والبرّ والجوّ ويصلوا بأمان إلى المدينة الاقتصاديّة، ويصمدوا عبر نحو ستين ساعة يحاربون الجيشَ الهندي المسلح بكل نوع من العدة والعتاد.

       هل ذلك يمكن أن يحدث بدون أن يكون هناك أيد سوداء داخل البلاد مَهَّدَت الأرضيّة للإرهابيين، وتعاونت معهم بشكل أوسع، وقدّمت لهم كلّ دعم ؟.

       من ثمّ أشار عدد من المُحَلِّلين البصيرين بعمق أمثال هذه الأحداث الإرهابيّة في دراسة أوليّة خاطفة إلى أن هذه الخطة الإرهابيّة إنما دَبَّرتها عناصرُ من الموساد الصهيوني والاستخبارات الأمريكيّة تتصل من زمان برباط قويّ بمنظمات هنديّة هندوسيّة متطرفة ، وعلى رأسها "آر إيس إيس" و "شيف سينا". وأكبرُ دليل على ذلك أن الإرهابيين استهدفوا – فيما استهدفوا – أوّلاً وقبل كلّ شيء وبشكل مباشر رئيس "A T S" السيد "هيمنت كركري" ومسؤولَيْن آخرين معه ؛ لأنه كان عاكفًا على كشف اللثام عن وجوه هندوسيّة كبيرة كانت وراء حوادث التفجيرات التي وقعت في البلاد خلالَ الأعوام الماضية ؛ حيث كان قد أكّد السيد "كركري" أن جميعها – اللهم إلاّ حادث تفجير 1993م – كانت مُخَطَّطة ومُنَفَّذة من قبل عناصر هندوسيّة متواطئة مع الموساد والمخابرات الأمريكيّة. وألقيت مسؤوليتها بدهاء على عاتق شباب مسلم . كما كانت عملياته التحقيقيّة تشيرُ إلى أنّ هذه العناصر قد تسلّلت بشكل قويّ إلى كل من قطاع الجيش وقطاع الشرطة حتى قطاع التشريع والإدارة، وأنّها تعمل على تخطيط مؤامرات وتنفيذها ضدّ عدد من الوحدات العرقيّة في البلاد وعلى رأسها الشعب المسلم، وهي ممسكة بزمام الأمور في هذه القطاعات كلّها، بشكل تقدر به على تحويل اتّجاه التحقيق الحكوميّ المجرى في شأن حوادث التفجيرات والإرهاب والاضطراب إلى حيث يخدم مصالحها، وتضرّ مصالح البلاد.

       وأكّد المُحَلِّلُون أن "مبنى نريمان هاؤس" الذي يسكنه الصهاينة كان الجيران تشاهد فيه وحوله تصرفات مشبوهة منذ نحو شهر قبل الحادث وأن الأشخاص الذين قاموا بهذه الأعمال الإرهابية لم يكونوا مسلمين، والموساد والاستخبارات الأمريكية التي دَبَّرت الخطة، هي التي اختلقت أسماءً إسلامية، لأن الخطة كانت محكمة النسج، ولايمكن التوصل إلى كشفها ؛ لأن عناصر من المنظمات الهندوسيّة المتطرفة كانت آلة فاعلة في تدبيرها وتنفيذها.

       وهناك دراساتٌ قام بها مُحَلِّلون تقول: إنّ الموساد والاستخبارات الأمريكية تَصطاد أحيانًا عناصر ساخطة في العالم من الشباب المسلم متبرمة بأساليب حكوماتها في التعامل مع القضايا الإسلاميّة أو متبرمة بالأسلوب العالميّ في التعامل معها ؛ حيث تستخـدم الازدواجيّة ؛ فللمسلمين كيل عندها ولغير المسلمين كيل آخر.

       وهما – الموساد الإسرائيلي والاستخبارات الأمريكية – تستخدمان هذه العناصر لمصالحهما مُسَخِّرتين إيّاها بأسلوب ماكر بعيد المدى لايُتَاحُ لها أن تنتبه له ، وللمؤامرة التي تُوَرِّطُانِ فيها.

       على كلّ إن حوادث الإرهاب المنفذة حاليًّا في المدينة الهندية الاقتصاديّة وعاصمة الهند الماليّة "ممباي"، هل سينكشف اللثام عن حقائقها؟ قد لا تنكشف؛ لأن العناصر الإسرائيلية والأمريكية هؤلاء تتخذ تدابير ذكيّة مسبقًا للتستّر عليها وإلقائها طيَّ الخفاء للأبد، لخدمة مصالحها بالشكل الذي تريده.                                                   

[التحرير]

(تحريرًا في : الساعة 12 من ضَحَاء يوم الأحد : 15/12/1429هـ = 14/12/2008م)