إلى رحمة الله

الزعيم المسلم سلطان صلاح الدين الأويسي الحيدر آبادي

1349-1429هـ = 1932 – 2008م

 

                                                                                                                   

 

بمدينة "حيدر آباد" الهنديّة ذات الثقافة الإسلاميّة وافت المنيّة في الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم الاثنين: 28/ رمضان 1429هـ الموافق 29/ سبتمبر 2008م الزعيم المسلم الشهير سلطان صلاح الدين الأويسي الحيدرآبادي عضو البرلمان الهندي سابقًا ورئيس "مجلس اتحاد المسلمين" لعموم الهند. وذلك في 77 من عمره. فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

       وقد ظلّ الفقيد يصارع الموتَ منذ أسبوعين قبل وفاته بمستشفي "كيئر" بقطاع "بنجاره هيلز" بالمدينة. وقد صُلِّي عليه يوم الثلاثاء 30/ سبتمبر = 29 رمضان بعد صلاة الظهر مباشرة بمقر "مجلس اتحاد المسلمين" المعروف بـ"دارالسلام" وأمَّ الصلاةَ عليه شيخُ الجامعة النظاميّة المفتي خليل أحمد.

       وقد عزَّى أسرتَه الحزينةَ في وفاته كبار القادة والزعماء المسلمين وغير المسلمين بمن فيهم رئيس الوزراء الهندي "مانموهان سينغ" ورئيسة حزب المؤتمر "سونيا غاندي". وخيّم الحزن بصفة خاصّة مدينةَ "حيدرآباد" والمنطقة الواسعة ؛ لأنّه كان زعيمًا كبيرًا يناضل ويتحرك من أجل خدمة مصالح الشعب المسلم والمصالح الوطنيّة العامّة؛ فكان يتمتع بشعبية ساحقة لايدانيه فيها أحد من الزعماء في هذه المنطقة . وكان زعيمًا مسلمًا فارع المقامة على مستوى الهند أيضًا؛ لأنه كان كبير الاهتمام بالقضايا الإسلاميّة وهموم الشعب المسلم .

       كان من مواليد 14/ فبراير 1932م (5/ ذوالقعدة 1349هـ) وتحمل مسؤولية زعامة "اتحاد المسلمين" عام 1958م (1377هـ) وتبوأ مكانه في قلب الشعب المسلم بمؤهلاته القياديّة؛ حيث كان خطيبًا سياسيًّا مصقعًا، ومتحدثاً بمصالح الشعب المسلم مُفَوَّهًا، وزعيمًا جريئًا، متسمًا بالحكمة والتعقّل والحزم في التركيز على قضايا الشعب المسلم، وكان يُشَكِّل هو والسيّد سليمان سيث (المتوفى 1426هـ/2005م) وغلام محمود بنات والا (المتوفى 1429هـ/ 2008م) – رحمهم الله جميعًا – ثالوثاً محترمًا في القيادة الإسلاميّة الشعبيّة السياسيّة. وانتخب عضوًا في مجلس بلديّة "حيدر آباد" عام 1960م (1380هـ) وانتخب عام 1962م (1382هـ) عضوًا في المجلس الإقليمي لولاية "آندهرا براديش" وظل ينتخب لهذا المنصب من شتى الدوائر الانتخابيّة بمدينة "حيدرآباد" لحد عام 1984م (1404هـ) وفي عام 1984م خاض انتخابات عضوية البرلمان الهندي مرشحًا من الدائرة الانتخابيّة بمدينة حيدرآباد وفاز فيها بالأغلبية الساحقة، واستمرّ يُنْتَخب عضوًا في البرلمان لعام 2004م (1425هـ). ولدى وفاته كان من حزبه في البرلمان الهندي عضوٌ وفي المجلس الإقليمي 5 أعضاء ، وفي المجلس البلدي العاصمي لمدينة حيدرآباد 100 عضو. مما يدلّ على فاعليّة حزبه بقيادته النشيطة المثمرة.

       ولم يكن الأويسيّ متحركاً في الساحة السياسيّة فحسب، وإنّما قام بأعمال بنائيّة في المجالين الاقتصادي والتعليمي لصالح الشعب المسلم؛ حيث حاول جاهدًا ومنطلقًا من ركيزة صلبة أن يعالج تخلّف الشعب المسلم في هذين المجالين الهامّين ؛ فأسّس وقفيّة "دارالسلام" التعليميّة، وأنشأ مؤسسات تعليمية ذات مستوى عال تابعة للوقفيّة، من بينها "كلية الدكن الطبية" و"كليّة الدكن الهندسيّة" و"مدرسة الدكن الإداريّة" و "مركز الأويسي للكمبيوتر" و"كلية DCM لبنية الجسم Physiotherapy " و"مدرسة الدكن للصيدلة" و"مدرسة الأويسي للتدريب على التمريض" و"مستشفى الأويسي ومركز البحث الطبّي" و"مستشفى الأمير أسري" و"معهد الأويسي للتدريب الصناعي".

       وتخرجت من هذه المعاهد والكليّات أفواج من البنين المسلمين والبنات المسلمات، وعملت في شتى مجالات التعليم والصناعة والاقتصاد، وشكّلت عاملاً كبيرًا في القضاء على تخلّف المسلمين في منطقة حيدرآباد خصوصًا ومناطق أخرى في البلاد عمومًا.

       كما أسس الفقيد مصرفًا باسم "مصرف دارالسلام" بمدينة "حيدرآباد" يساعد المسلمين بقروض لشتى الأغراض الملحة ، ويقدم خدمات مصرفيّة أخرى على غرار المصارف الحكوميّة التي تتعامل بالربا المُحَرَّم .

       وقد خَلَفَه في تحركاته السياسيّة وأنشطته القيادية نجله الأكبر أسد الدين الأويسي عضو البرلمان الهندي الذي يرأس أيضًا "مجلس اتحاد المسلمين" من بعده ، ونجله الثاني أكبر الدين الأويسي الذي له نشاطات في المجلس الإقليمي، أما نجله الأصغر برهان الدين الأويسي فهو مدير صحيفة "اعتماد" اليوميّة. وخلّف وراءه إلى جانب هؤلاء الأبناء الثلاثة حرمه نجم النساء وبنتًا واحدة.

       لقد كان الأويسيّ زعيمًا مؤهلاً حقًّا، وكان سندًا للمسلمين ولاسيّما في منطقة "حيدرآباد" وكان المسلمون يتقوّون به ويستندون إليه لدى كل وقت حرج؛ ومن ثم شعروا بعد وفاته بخسارة كبيرة لاتُعَوَّض ؛ لأن القيادة المؤهلة ولاسيّما في هذه البلاد ذات التعقيدات غير القابلة للحصر بالنسبة للمسلمين، لا تولد بسهولة ، وإنما تحتاج إلى مخاض طويل تسبقه خلفيَّات متفاعلة ، وقبل ذلك توفيق إلهيّ خاصّ .

       رحمه الله وأدخله فسيح جنّاته، وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان ، وعوّض المسلمين عنه قيادة لائقة ينتظرونها في هذه الليلة الحالكة من المشكلات التي تتفجر كل آن.