المتبنّي للشر والمتبنّي للخير

 

بقلم : الشيخ محمد عيسى منصوري                  

رئيس الهيئة الإسلامية العالمية بـ«لندن»   

تعريب: الأخ محمد أجمل القاسمي                     

طالب بقسم الإفتاء بالجامعة                    

  

 

  

 

 

 

       المتبنّي للشر: - أو المشاغب – لفظ تتداوله وسائلُ الإعلام، ومصطلحٌ شاع استعماله اليوم . تقرأ كلَّ يوم في الصحف، وتسمَع عن طريق القنوات المختلفة: أن عدد كذا من «المشاغبين» لقوا مصرعهَم أو قُبِضَ عليهم. وفي العصر الراهن قد أجمع كل من الشرقي والغربي والمسلم والكافر أن «المشاغب» يجب قتلُه، وأن القتلَ به أينما وُجِد بدون تحقيق ودليل وبدون إجراء محاكمة أكبرُ خدمة للإنسانية .

       فمَن المتبنّي للشر أو من هو المشاغب؟ وماهو حدُّه؟ وما هي الأخطار التي تهدِّد العالمَ والإنسانية من قبله؟ تعال! نحلِّل القضيةَ في ضوء التاريخ، ونحاول أن نتوصل إلى الحقيقة .

       منذ ثلاثة قرون ماضية يعيش العالمُ تحت سيادة الغرب العسكرية والإقتصادية، والحضارية والثقافيّة، والفكريّة والعلمية؛ هذه السيادةُ شاملةٌ ومتكاملة الابعاد، حتى إن الأمم والملل تَضطَرُّ إلى أن تستعير من الغرب الألفاظَ والمصطلحاتَ وما تحويه من المعاني والمفاهيم. ولفظ تبنيّ الشر أو الشغب لفظ دبلوماسي أحدثتْه الحربُ التي يقودها الغربُ لفرض سيادته واستيلائه على العالم، والتي تُمَثِّل فيها الصهيونيةُ والغربُ الذي وقع فريسةً لها فريقًا ، وأممُ العالم الأخرى والعالمُ الإسلامي بصفة خاصة فريقًا آخر. إن الذينَ يرفضون تبعيةَ الغرب والخضوعَ التام له أو يتردَدون في هذا الشأن، أو الذين يتريّثون في اعتقادِ ما يتبنّاه الغربُ – من الفكر والفلسفة وأسلوب الحياة والثقافة والحضارة – خيرًا محضًا، والذين يستقلّون بالفكر والعقيدة، والثقافة والحضارة، ونظام الحياةِ المميز، ومقياس الخير والشر؛ أولئك هم «المتبنّون للشر» أو المشاغبون لدى الغرب والحكام المنقادين له فالمشاغبُ مصطلحٌ سياسي ولدتْه حربُ القوةِ والسيادةِ، وذلك كمصطلح «الوهابي» الذي كان يُستَخدم في الحرب التي قادَتْها بريطانيا العُظمى لفرض سيطرتها وسيادتها على شبه القارة الهندية قبل قرن ونصف. فقد كتب أحدُ عملاء حكومة بريطانيا: السيد «واسكالر دبليو دبليو هنتر» في كتابه: «المسلمون في بلادنا الهند» (Our Indian Muslims) أن لفظ «الوهابي» في قاموس بريطانيا العظمى ليس لفظاً دينيًا، وإنما هو مصلطح سياسيٌّ يُطلَق على كل من يرفض سيطرةَ الإنجليز الشاملة وغلبتَهم السائدة، أوهو عبارة عن الخائن الذي يأبى الخضوعَ لحكومة بريطانيا .

       هذا، وقد أصبحتْ بريطانيا ذيلاً لأمريكا في مباراة السياسة والقوة منذ قرن ونصف، وكلٌ منهما أصبحتْ سلطتُهما الفكريةُ والنظريةُ في أيدي الصهيونية؛ ومن ثَمَّ عادت القوةُ العالمية الوحيدةُ العظمى من وراء الحرب التي تقودها لفرض السيادة السياسة لاتريد من أمم العالم كافة أن تقوم بالتقيد التام بمنهجها الحياتي المنهار فحسب؛ بل تطمع أن تكونَ لها المسيطرةُ التامة على قلوبها وأفكارها وعواطفها وأحاسيسَها. والآن عاد كلُ شيء لدى الغرب وحتى الهواجس والخواطر التي تُضادّ فكرتَه وفلسفته وثقافتَه وحضارتَه خيانةً وجريمةً لاتُغفَر. وفي تعبير آخر: إنه لن يَرضى عن أمم العالم على التبعيّة السياسيّة والعسكريّة، والاقتصادية والحضاريّة؛ بل تطلب منهم أيضًا الانقيادَ والخضوعَ التام من القلب والعقل، والفكر والعاطفة، ومن كل عرق نابض بالحياة .

       وفي جانب آخر الإسلام هو الدين الوحيد من بين ديانات العالم الذي يدّعى أنّ الاستهدآء بغير القرآن والرسول في أي شعبة من شُعَب الحياة كفرٌ وشرٌّ وفسادٌ؛ فإن الإسلام تعبيرٌ عن الانقيادِ والخضوع التام لله ولرسوله، والمسلم إذا سَاوَرَه أدنى ذرة من الشك في كون أحكام الإسلام خيرًا محضًا يخرج عن دائرة الإسلام، ويدخل في الطائفة المتبنية «للشر». الإسلام يقول: إن مصدرَ كل خير إنما هو ذاتُ الله سبحانه والأوامرُ الصادرة عنه، على حينِ إن الغربَ يزعم أن نفسه هو مصدر الخير . فلفظ المتبنّي للشر أو المشاغب تستخدمُه وسائلُ الإعلام اليوم في هذا المفهوم، يعني أن المتبني للشر أو المشاغبُ في مصطلحها الرافضُ لسيادة الصهيونةِ والغربِ واستيلائهما؛ فإن الإسلام هو الدين الوحيد من بين جميع الأديان ومناهج الحياة الذي يرفض خيريةَ – أسلوب حياة أمريكا، وأما الدياناتُ والأمم الأخرى فهي لاترفض سيادةَ فكر الغرب وفلسفته، وترتضي بأن تؤدي عباداتها وطقوساتها خاضعةً له في جميع شعب الحياة .

       إن التمييز بين الخير والشر الذي يقوم به الإسلام أقدمُ تمييز في العالم، إنه حصل في عهد آدم أول البشر – عليه السلام – ثم ظلّ ولا يزال جاريًا وساريًا في كل عصر من العصور؛ فإن المؤمنين بالرسل في جميع الزمان وُصِفوا بأصحاب الخير «وحزب الله»، أما المكذّبون فلُقِّبوا بأصحاب الشر و«حزب الشيطان»، وبعد بعثته خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم قُدِّر لهذا التمييز أوالتقسيم أن يكون أبديًّا ودائمًا . فالمتبنّون للخير بعدُ إلى يوم القيامة هم أولئك الذين يؤمنون بسيادة الرسالة السماوية الأخيرة ويخضَعون لَها، والمتبنّون للشر هم الذين يرفضون سيادتَها ويكذّبونها. على كلّ، فإن العالمَ اليوم كذلك متوزّعٌ بين الفئتين نظريًا وفكريًا ، ففي ناحيةٍ الغربُ الذي خضعت له أممُ العالم كافة، إلى جانب انقيادِ الطبقة الحاكمة والمثقفة من المسلمين له، وفي ناحية أخرى المسلمون عامّةً الذين يؤمنون بكون القرآن مصدرًا للخير، ويستنكفون عن الخضوع للغرب، ويرفضون أن يكون الغربُ مصدرَ الخير، وأولئك هم المشاغبون المتبنّون للشر لدى العالم كافة؛ ومن ثَمَّ هم يستحقون أن يكونوا مصداقًا «للشتائم المتحضرة» التي تَبَنَّاها العصر من «الإرهابي» و«المتطرّف» و«المشاغب» أو «المتبني للشرّ» .

       وكما أن تعميمَ المعروف (الخير) ومحو المنكر (الشر) وظيفةٌ لكل مسلم في الإسلام إلى جانب كونه طاعةً وعبادةً كذلك إبادة المشاغبين والفتك بهم أكبرُ طاعة لدى الغرب وأول وظيفة لكلّ امرئ، وطبيعيًا تحتلُّ هذه الوظيفةُ أهميةً قصوى عندما يتم التطبيلُ للحرب. وإن الإسلام هو الآخر الذي يرى محاولةَ القضاء على الشر التي تُبذَل خلال المعركة القائمة بين الخير والشر التي تُعَرف بالجهاد أكبرَ طاعة وعبادة، حتى إن الفرائضَ الأخرى تعود تابعةً لها وتؤدَّى بمراعاتها. فكذا الحال في جانب آخر. إنه يجب على كل امرئ يعتقد اللهَ قادرًا مطلقًا أن يُصْبِحَ مسبّحًا له ومعلنًا لعظمته وكبريائه. فكذا يلزَم كلَّ من يؤمن بالغرب ويخضع لاستيلائه أن يُعلن عن إيمانه وميثاقه كلما فتح لسانه، يعني يجب عليه أن يعلن الحربَ على المشاغبين والإرهابيين والمتطرفين، وقد نرى في جميع المناسبات الهامة وخاصةً عندما يتم اجتماع قائدين من القادة أنه أوّلُ ما يُسْتَهَلُّ به بهذه المناسبة هو الإعلان عن هذا الإيمان والميثاق. فمن السيد «مشرف» الرئيس الباكستاني الحالي إلى خادم الحرمين الشريفين: الكلُّ فتتح جميعَ مناسباته الرسمية بإعلان ميثاقه لبنان الاستمرار على الحرب ضد الإرهاب والتطرف إلى أخر عهده بالحياة .

       وبعد أحداث 11/9 دخلت المعركة القائمة بين الخير والشر الجولةَ الحاسمةَ، والآن توسّعت دائرةُ الحرب من الإرهابيين إلى المشتبه بهم، حتى إن الذين لايواجهون الغربَ بشكل مباشر هم الآخرون عادوا لايستحقون العفوَ، أعني أن المسلمين الذين وقفوا موقف الحياد من الحرب بصورة عملية، هم كذلك يماثلون «الإرهابيين» في الشعارات والشارات وهم عادوا يستحقون القتلَ والفتك. فقد سبق لـ«بوش» البطل أنه أعلن بشكل واضح: إما الصديقُ وإما العدُو وليس هناك منزلة بين منزلتي الإيمان أوالكفر؛ فترى منذ أعوام أن القوات الأمريكية تُمطر القنابل في كل من أفغانستان والعراق وباكستان، وتُبيد بكلّ حرية المشتبه بهم: الذين يماثلون المشاغبين في الأشكال والألوان، أو يواظبون على الصلاة والصوم .

       هذا، ودراسةُ تاريخ أوربّا تؤكِّد أن الإرهابَ والتعصبّ هما طبيعةُ الغرب الأصيلة، فبسط السيطرة على القارتين: آستراليا وأمريكا، من خلال إقامةِ المجازر والقتل الجماعي لأبناء سكانهما من واقع الأمس، وجميعُ تاريخ أوربّا المعلوم يعبِّر عن مثل هذا الإرهاب. فقبل 1500 عام تقريبًا وبالذات عام 529م حُرمتِ الأممُ التي امتنَعَتْ عن اعتناق المسيحية التعليمَ والوظائفَ والحقوقَ الإنسانية الأخرى، ثم في العهد التال أي في عهد «شارلمين» لم يبقَ للأوربيين إلا طريقان: إما اعتناق المسيحية وإما الإعدام والجلاء، وهذا الخيار نفسه عُرِض على المسلمين واليهود في إسبانيا أي إما أن يعتنقوا المسيحية وإما أن يرضوا بالإعدام والتشريد، ثم التناحرات والإبادة الدامية التي جرت بين الكاثوليك (Catholic) والبر وتستانت (Protestant) خلال القرنين: السابع عشر والثامن عشر الميلاديين هي باب مستقّل لتاريخ أوربّا. هناك مثل شائر: السارقُ في لحيته ريشة (المثل يعني أن المجرمَ تكون في موقفه نقطة ضعف تُخوّفه) ولعل الحكام الأميريكان والأوربين صادرن عن نفسيّات الخوف الداخلي الذي يساورهم في شأنِ انفضاح تأريخ الإرهاب البشع هذا، ينادون بين فَينة وأخرى بالحضارة والحقوق الإنسانية، ومنذ فترة العشرين عامًا هناك مئاتٌ من محطات الإذاعة والشبكات – التي تم تأسيسها على أيدي الأساقفة المسيحيين المُتَصَهْيِنِيْنَ – تعمل ليلَ نهارَ على تدريب الشباب لصالح «الحرب المقدّسة»، والأساقفةُ هم الآخرون يواصلون جهودهم ويجنّدون طاقاتهم في سبيل إعداد الشعب ذهنيًا لإبادة ثُلث سكان المعمورة.

       وقد اشتدتِ المعركةُ الدائرة بين الخير والشر في تسعينيات القرن العشرين الميلادي، وذلك لسببين: الأول أنه بعد انسحاب الاحتلال الروسي الإستعمار من أرضِ أفغانستان اندفع إليها الشبابُ الإسلامي – بمن فيه الأمراءُ وأبناء رؤساء الدول – من نحو ستين دولة، وضحّى بحياته عن رضا وطواعية مُفَعَمًا بروحِ الجهاد؛ فدُهشَ الحكامُ الصهاينة والسميحيّون من هذه الرابطة الإيمانية الإسلامية ومدى الحيويّة والحياة التي تتمتّع بها. (والسبب الثاني) أن الشبابَ المسلمَ الذي كانت تُعْوِزُه الإمكانيّاتُ والأسلحةُ قَدَّمَ مثالاً نادرًا لخوارق البطولات والشجاعات في الحرب ضد روسيا العظمى المدجَّحة بالأسلحة التطورة، الأمر الذي ارتجف له قلوبُ الحكام الغربيين، وعادوا يُقْلِقُهم أنهم كيف يواجهون هذه الروحَ الجهادية العَارمةَ، لأنهم سبق لهم أن بيّتوا تدمر البلاد الإسلامية بعد أنهزام آسيا .

       الشرطُ الوحيدُ الذي كان يجب استيفاؤه على الحكام الذين ولاّهم الغربُ أزمّةَ الحكم في البلاد الإسلامية لاستمرارهم على كرسي الحكم أن يواصلوا جهودَهم لتنمية الفكرة والحضارة والثقافة الغربية واقفين في وجه الإسلام والمسلمين؛ ولكن تغيّر الحال غيرَ الحال، فإن الغربَ بمساهمة من الحكام المسلمين الذن سلَّطهم على البلاد الإسلامية وضع التخطيطَ من جديد تحت استراتيجيّة جديدة، وهي أن يُتناول المسلمون الأجانبُ الذن يتوجّهون من جميع البلاد الإسلامية للمساهمة في الجهاد الأفغاني في عهد «برويز مشرف» وعلى دعوة من «سي آئي إي» بالسفح والقتل بشكل استفزازي»، ويُجعَلوا عبرةً ونكالاً، حتى إذا تقوم الدول الثماني بالتبييت لذبح السكان المسلمين في أيّ بقعة من بقاع الأرض كبوسنيا لايُجرؤ أي مسلم في طول العالم وعرضه لنجدتهم من أي وجه كان. هذا هو ما تعنيه أولاً باكستان التي يقودها الجنرال مشرف . إن باكستان ذرّت الرمادَ في عين الغرب، وأصبحتْ دولةً نوويةً بطريق أو آخر، الأمر الذي ظلّ ولايزال يشوكُ قلوبَ الحكام الغربيّين كلَّ لحظة، إضافةً إلى ذلك إن القوات الباكستانية فيما يتعلّق بالشجاعة والمصابرة تُعدُّ خيرَ قوات العالم التي تتمتّع بالمؤهِّلات والكفاءات، فوفقَ التخطيط أُثير الصِدامُ فيما بين القوات والشعب، وشُغِلت هي به، وبعدَ 11/9 تَمَّ اتخادُ الخُطط والتدابير الحاسمة لأن تكون حروبَها في المستقبل ضد المسلمين فحسب، بدلَ أن تكون على غيرهم. ومنذ فترة يعمل الجنرال «برويزمشرف» ضمن الفكرة التي تعني أن باكستان لاتُهَدِّدُها الأخطارُ من الخارج وإنما تُهَدِّدُها الأخطار من الداخل. الأمر الذي يقضي أن إسرائيل والغرب هما صديقان وفتيان وناصحان صادقان لباكستان، أما العقدوالحقيقي فهم الذين يعملون لسيادة الإسلام واستيلائه. ولابد أن يُنْظَر إلى قضية «لال مسجد» الحالية في ضوء السيناريو الناشئ عن الصراع العالمي القائم الآن؛ فقد كان من الممكن تمامًا أن يُخلّىٰ لرجل (عبدالرشيد غازي) طريق مؤمن، ويُنْقَذَ الجميعُ من الوقوع في الورطة الشيطانية المتمثّلة في التناحرات الداخلية والمجرزة الدموية، وكان جائزًا أن تجرى عليه (الغازي) المحاكمةُ فيما بعد بإخلاف الوعد؛ فإن الجنرال «برويز مشرف» كم وكم نكث من العهود والوعود للبقاء على السلطة والبذلة العسكرية؛ ولكن أيًّا من هذه الخيارات لم تُنَفَّذْ ، وإنما أقيمت المذبحةُ بإبادة مئات من الطالبات، ولم تنته العمليةُ حتى اندفعت البلادُ فعلاً إلى الحروب الداخلية، وعُدْنَا نرى كل يوم المشاهدَ الاستفزازية المتمثلة في مقتل عشرات من الجنود والعامة الأبرياء، ولعل هذا ما كان يتمنّاه «بوش». وكي تزداد الحربُ اشتعالاً والتهابًا يقدّم «بوش» البطل» والمسؤولون عن القيادة العسكرية المسماة بـ«ناتو» بشكل مستمر من الأسلحة الحديثة والمساعدات المالية لأجل القضاء على المشاغبين الساكنين في ولايتي بلوجستان وسرحد؛ بل يقدّمون عرضَهم في شأن تقديم المساهمة العسكرية بجنب القوات الباكستانية. ومجملُ القول إن الجنرال «برويز مشرف» تورّط كلّيًا في المؤامرة العميقة التي تستهدف تدميرَ القوات الباكستانية من خلال إنزالها في الصدام بينها وبين بني جلدتها، ولم يبق للجنرال طريق – فيما يبدو – للتخلّص منها، والواقع أن باكستان كالعراق وأفغانستان دُفِعت إلى الحرب الداخلية كليًا، وذلك من خلال توجيه قوّاتها إلى التوصل إلى الهدف المنشود، أعني القضاءَ على الإسلاميّين .

       وملخص القول إن المعركةَ الدائرة بين «الخير والشر» دخلت الجولةَ الحاسمةَ، التي سُمّيت في «بائبل» بـ«آرميكدون» وفي الأحاديث النبويّة – على صاحبها الصلاة والسلام – بـ«الملحمة الكبرى»، وسوف يُضطَرُّ كل امرائ في معركة الخير والشر هذه أن ينتخب واحدًا منهما، ويقتحم ساحة القتال، وقد جاء في الحديث النبوي ما معناه: أن الجيش الذي يزحف للقضاء على المسلمين يكون له 80 لواء، ويكون تحت كل لواء اثنا عشر ألفًا من الجنود، ولعل (UNO) تضُمّ تحت لوائها الكُبرى ألويةَ ثمانين دولة، وقد أخبر أصدق البشر «الصادق الأمين» صلى الله عليه وسلم ما معناه : سيأتي زمان يتوزّع فيه المسلمون بين فئتين: معسكر يكون للإيمان الخالص الذي لاتشوبه ذرة من النفاق، ومعسكر للنفاق لايكون فيه ذرة من الإيمان. وبدو أن الأوضاعَ تَنْدفع بسرعة سريعة إلى ما تنبّأ به الصادقُ الأمين، ويتراءى أن مخيَّم الإيمان يكون للمسلمين الذين يواجهون الكفرَ العالمي والقوات الدجالية، ومخيّم النفاق يكون للقوى الغربية والواقفين بجانبها، وأن «المَصْلَحيّين» و«المُصالَحيّين» الذين يحاولون أن يسلكوا طريقًا بين الطريقين من خلال إنشاء العلاقات الودّيّة مع «الكفر العالمي»، هم الآخرون يُضطرّون أن يختاروًا واحدًا من المُخيَّمين . وفحوى الكلام أن ذلك الوقت يبدو قريبًا عندما يلزَم كلَّ مسلم أن يختار أنه إلى أي مخيَّم ينضمّ؛ إلى مخيّم الإيمان، أو إلى مخيّم النفاق؟ إلى فئة محمد صلى الله عليه وسلم أم إلى فئة «بوش» و «دَكْ تشيني» إلى الخير أم إلى الشر .

 

محـرم – صفـر 1429هـ = ينايـر- فـبراير  2008م ، العـدد : 1-2  ، السنـة : 32.