الجامعة الإسلاميّة : دارالعلوم / ديوبند في مؤتمرها الموسَّع

تُهِيْبُ بالحكومة الهنديّة أن تضع حدًّا لمحاصرة الشعب المسلم الهنديّ بتُهَمِ الإرهاب

 وتُؤَكِّد أنّ المسلمين لا ضَلَعَ لهم مع الإرهاب

    

  

 

  

 

 

لقد أحسنتِ الجامعةُ الإسلاميّةُ الأمُّ في شبه القارة الهنديّة : دارالعلوم بمدينة "ديوبند" الهنديّة عندما أعلنتْ صارخًا: أنّ الإسلام يرفض الظلمَ والعنفَ والفتنةَ والإفسادَ والقتلَ والاغتيالَ دونما حقّّ وإثارةَ الشغب والقلاقل وكلَّ نوع من الإرهاب الذي يستهدف الأبرياءَ ، مُعْرِبةً عن قَلَقِها البالغ تجاهَ الوضع العالميّ والإقليميّ الذي افْتَعَلَه الغربُ للنيل من الإسلام والمسلمين ، مُنَدِّدَةً تنديدًا واضحًا بموقف الدول الغربيّة المُعَادِي من الإسلام والمسلمين ، مُصَرِّحةً بأنَّ السياسةَ الخارجيّةَ والداخليّةَ الهنديّة هي الأخرى مُتَفَاعِلة مع تلك القوى المُعَادِيَة للإسلام ، المحاربة للمسلمين ، التي تَقْطُرُ أيديها دماءً بالمجازر التي أقامتْها في مختلف أقطار العالم ، والتي اعتداءتُها ووحشيّتُها حَطَّمتِ الرقَم القياسيَّ في كل من العراق وأفغانستان وفلسطين والبوسنه والهرسك وغيرها .

 

وذلك من خلال مؤتمر مُوَسَّع حَاشِد عقدتْه في رحابها يومَ الإثنين : 17/ صفر 1429هـ الموافق 25/ فبراير 2008م حضره أكثرُ من مليون ممثل للمدارس والجامعات الإسلاميّة الأهليّة بالهند وعشرات من كبار مسؤولي الجمعيّات والمنظمات الإسلامية ذات الأهميّة بالبلاد، بما فيها جمعيّة علماء الهند ، والجماعة الإسلاميّة ، وجمعيّة أهل الحديث ، وطائفة "البريلويّة" وغيرها من مدارس الفكر .

 

وقد طالبتِ الجامعةُ الأمُّ بأسلوب قويّ الحكومةَ الهنديّةَ أن تضع حدًّا بشكل فوريّ عاجل للتُّهَم التي تُثَارُ رسميًّا ضدَّ المدارس الإسلاميّة وضدّ الشعب المسلم في طول البلاد وعرضها ، وهي تهمٌ طائفيّة عِدَائِيَّة لاتستند لدليل ولاتقوم على أساسٍ ، وأن تحول – الحكومةُ – دون المحاولات المُسْتَهْدِفةِ التعرّضَ للمسلمين بالإساءة والاعتقال العشوائيّ والتعذيب الوحشيّ والقتل والاغتيال من خلال الصِّدام الافتراضيّ مع قوات الأمن ورجال الشرطة .

 

وقد قال رئيسُ الجامعة فضيلة الشيخ مرغوب الرحمن في كلمته الرئاسيّة:

       "الحكومةُ الهنديةُ مُطَالَبَةٌ أن تَتَفَهَّم حقيقةَ الإرهاب وتدرس خلفيّتَه . الحقُّ أنَّ الإرهابَ ليس من الأساس قضيّةَ بلادنا ، إنّه لعنةٌ صَدَّرَتْها القوى العالميّةُ التي تَصْدُرُ في مَرْئِيَّاتها كلِّها عن الصهيونيَّة ، وتَتَبَنَّىٰ مشروعًا واحدًا يتمثّل في السعي الحثيث لتحقيق المطامع الصهيونيّة ، وتقود عمليّةَ الإفساد في الأرض ؛ فلا غروَ إذا لم تكد تُحْرِز نجاحًا في القضاء على الإرهاب ، وقد بذلت بلايينَ الدولارات ، وجَنَدَّت جميعَ الإمكانيّات ، وكرّست ملايينَ الجنود . وتَتَمثَّل ذروةُ خيبتها في أنّها لم تستطع لحدّ اليوم أن تُحَدِّد مفهومًا للإرهاب يَقْبَلُه الرأيُ العالميُّ . إنَّ أسلوبَها في التحرّك والعمل إنّما يشفّ عن أنَّ الإرهابيَّ هو كلُّ من يعترض سبيلَها نحو تحقيق مطامعها التوسّعيّة ، والعالمُ يعلم باليقين أن لعنةَ الإرهاب إنما هي وليدةُ القوى الصهيونيّة وهي حيَّةٌ منتعشةٌ بفضلها وحدَها".

 

وقال البيانُ الصَّادِرُ عن المؤتمر :

       "إنّ المؤتمرَ إذ تُنَدِّدُ تنديدًا صارخًا بكلِّ نوع من العنف والإرهابيّة والترويع ، تُبدي غايةَ قلقه وألمه وسخطه نحو الموقف العالميّ والمحليّ الذي تقفه مُعْظَمُ حكومات العالم مُتَّبِعَةً خُطَى الحكومات الغربيّة الجائرة العدوانيّة الاستعماريّة ومُحَاوِلَةً كسبَ وُدِّها وحدَه من شعوبها ولاسيّما المسلمين ، ما لا يجوز بحال السكوتُ تجاهَه بدليل ما. ومما يبعثنا على مزيد من القلق أنّ السياسة الداخلية والخارجيّة في بلادنا تتفاعل بشكل متصل مع هذا الموقف الخطير الذي تتبنّاه هذه القوى الغربيّة الغاشمة ، التي حَطَّمتْ اعتداءاتُها في كل من أفغانستان والعراق وفلسطين والبوسنة والهرسك وفي أقطار شتى من أمريكا الجنوبيّة الرقمَ القياسيَّ المعلومَ للاعتداءات في التاريخ البشريّ الذي تَمَّ الاطّلاعُ عليه لحدّ اليوم ؛ على حين إنّ بلادنا الهند ظلَّتِ تُعْرَف بأنّها حياديّة وأنّها تحتضن القيمَ الخلقيّةَ والمعنويّةَ . وبَلَغَ الأمرُ أنَّ الشعبَ المسلمَ الهنديَّ ولاسيّما الذي ينتمى إلى المدارس والجامعات الإسلاميّة الأهليّة ، والذي يعيش حياةً نزيهة بعيدةً عن كل شائبة من الجرائم، وسِجِلُّه يشهد بأنَّه بريء كلَّ البراءة ، يَتَخَوَّف كلَّ وقت من تطاول أيدي الإدارة الحكوميّة إلى تلابيبه في أيّ وقت من الأوقات . وهناك عددٌ غيرُ معلوم مزجوج به إلى السجون يذوق دونما ذنب صنوفًا من التعذيب المؤلم ، على حين إنَّ القائمين بالإرهاب في الواقع ، الذين ينهبون محطّات الشرطة ، ويفتكون برجال الشرطة وعناصر قوات الأمن على مرأى ومسمع، ويستعرضون الأسلحةَ الناريَّة ، ينطلقون دونما حدّ أو قيد ، ولا تُبْذَلُ محاولةٌ جادَّةٌ فاعلةٌ لوضع حدّ على أعمالهم الإرهابيّة . الأمر الذي يُثِيْرُ علامات استفهام تجاهَ دور الحكومة العلمانيّ. وذلك يُشَكِّل علامةً خطيرةً بالنسبة إلى الوطن والشعب .

 

       "إن هذا المؤتمر لعموم المذاهب الإسلاميّة المنعقد في رحاب الجامعة الإسلاميّة دارالعلوم / ديوبند يُدِيْنُ هذا السلوكَ الحكوميَّ إدانةً قويّة ، مُبْدِيَةً غايةَ قلقه تجاهَ هذا الانحياز السافر الذي يتبنّاه المسؤلون الحكوميُّون ، مُصَارِحًا بأنّه لن يَدَّخِر وسعًا في مواصلة الجهد من أجل الإبقاء على استمراريّة فاعليّة النظام والقانون وعلمانيّة الدستور في هذه البلاد .

       "إنّ هذا المؤتمر يطالب الحكومةَ بكل قوة أن تضع حدًّا لمن يسيئون إلى المدارس والجامعات الإسلامية الأهليّة والمسلمين وأن تُقَيِّدَ الأجهزةَ الإداريّةَ أن تفتح التحقيقَ المحايدَ في كل حادث يَمَسُّ الأمنَ العامَّ في البلاد وأن تُقَرِّرَ للمجرم بعد الإدانة العادلة العقابَ اللائقَ ، وأن تجتنبَ الاشتباهَ بطائفة مُعَيَّنَة من طوائف الشعب دونما دليل مُقْنِع. والحاصلُ أن تؤدي الأجهزةُ الحكوميَّةُ مسؤوليتَها في نزاهة من كلِّ عَصَبَيَّة وطائفيَّة وتفرقة عنصريّة أو دينيّة ، حتى يستتبّ في البلاد الأمنُ بمعناه الصحيح .

       "كما أنَّ هذا المؤتمرَ لعموم الهند يُهِيْبُ بكلٍّ من رجال الفكر والثقافة والصحافة والإعلام في البلاد أن لايتناولوا القضايا الإقليميَّةَ والعالميَّةَ إلاّ بالتحليل الأمين الحُرِّ دونما تَوَرُّط في لوثات العصبيّة ؛ حتى لا يصبغوها بصبغة يفرضها عليهم الهوى .

*  *  *

إنَّ هذا المؤتمرَ إنّما دعا الجامعةَ الإسلاميَّةَ الأهليَّةَ الأمَّ إلى عقده شعورُها القويُّ المُلِحُّ بأمرين:

       1     القوى الغربيَّةُ الصهيونيَّةُ الصليبيَّةُ وعلى رأسها أمريكا – التي تدير اليومَ الدولَ الغربيّةَ كلَّها وتُدَارَ هي من قبل الصهيونيَّة العالميَّة حتّى سَمَّاهَا عددٌ من المفكرين الغربيّين أنفسهم بأنّها "ولاية صهيونيّة بعيدة عن دولة إسرائيل" – افتعلتْ تفجيراتِ 11/9/2001م لهدف واحد ، وهو تسخير العالم الإسلامي كلّه في جانب ، وإلصاقُ تهمة "الإرهاب" بالمسلمين وتحويلُ الإسلام مرادفًا للإرهاب في جانب آخر.

       2     إنَّ العناصرَ الطائفيَّةَ من الأغلبيّة الهندوسيَّة التي تَسَلَّلَتْ إلى الأجهزة الحكوميَّة بالهند تَلَقَّفَتْ هذا الأسلوبَ العدائيّ من الصهيونيّة العالميّة والصليبيّة المُتَصَهْيِنَة التي تقودها اليومَ أمريكا ؛ وجَعَلَتْ تُعْمِلُه لضرب المسلمين ولاسيّما المتدينين المُتَّسِمِين بالشارة الإسلاميّة ، وبالأخصّ المنتمين إلى المدارس والجامعات الإسلاميّة الأهليَّة ، عوضًا عن الاضطرابات الطائفيّة التي كانت تُفَجِّرُها من قبلُ ، وظلَّت تُفَجِّرها منذ ما بعد استقلال الهند لحدِّ ما قبل سنتين أو ثلاث سنوات؛ ولكنَّها اليومَ بدأت تستخدم للإضرار بالإسلام والمسلمين هذا الأسلوب الصهيوني الصليبيَّ العالميَّ الذي وَجَدَتْه تُجْدِي ما لاي يُجْدِي أسلوبُ تفجير الاضطرابات الطائفيّة ؛ لأنّ الاضطرابات ربّما كان لهيبُها يطال هؤلاء الطائفييّن المُفَجِّرِين لها ؛ فكانوا ربّما يُؤَدُّوْن ضريبةَ جريمتهم النكراء مُتَمَثِّلَةً في زهق بعض أرواحهم وضياع بعض مُمْتَلَكَاتهم ، إلى جانب الخسارة الفادحة التي كانت تَلْحَقُهم مُتَمَثِّلَةً في تشهيرهم بالجزّارين عَبْرَ وسائل الإعلام المقروءة والمرئيّة والمسموعة ، التي كانت تُبَلِّغُ أنباءَ أفاعليهم الشنيعة العالمَ كلَّه بين عشيّة وضحاها؛ فكانوا يَتَمَلْمَلُون من سوء السمعة الذي كان يُطَارِدُهم في كلِّ مكان كالشبح المُخِيف . فهمس الصهاينةُ في آذانهم بعد ما تَوَطَّدَت صِلاَتُهم بهم عَبْرَ السنوات الأخيرة ، أنَّ الأسلوبَ الأسهلَ الأنْجَعَ للإضرار بالإسلام والمسلمين هو أسلوبُ الإيقاع بالمسلمين ولاسيّما شبابهم وبالأخصّ بالمتدينين منهم ، عن طريق القيام بالتفجيرات في أمكنة شتّى في البلاد وتوريطهم في الاتّهام بتنفيذ هذه التفجيرات ، فاعتقالهم ، فإيقافهم للتحقيق والتعذيب الجسديّ والنفسيّ ، ثم محاكمتهم عن طريق دلائل وشواهد مُلَفَّقَة ، ثم إعدامهم شنقًا أو الزجّ بهم إلى السجون بشكل مُؤَبَّد . وذلك أسلوبٌ من الأساليب الكثيرة التي نُجَرِّبُها نحن الصهاينةَ والصليبيين عن طريق وَكاَلاَتِ استخباراتنا "الموساد" و"السى آئي إيه". وذلك لا يُكَلِّفُكم كبيرَ عناء ، لأنّنا سنزوِّدُكم بالخبراء والكوادر من المُؤَهَّلين المُتَخَصِّصِين الذين سيعملون معكم كخَدَمة مُتَطّوِّعِين !.

 

إنّ هناك حوادثَ عديدةً ضُبِطَتْ فيها عناصرُ من الطائفييّن بأشعار مُقَلَّدة وقلانس مُزَوَّرَة كقلانس المسلمين ، وضُبِطَتْ معهم موادّ مُتَفَجِّرة مثلُ التي يستخدمها الصهاينةُ للفتك بالفسطينيين بالأراضي المُقَدَّسَة ؛ ولكن رجال الشرطة وسلطات الأمن الهنديّة تجاهلتِ الحوادثَ، وأعملتِ التعتيمَ الكاملَ بشأنها ، ولازمتِ الصمتَ ، وأغلقتِ الملفَّ ، ولم تنبسْ ببنت شفة بصددها ، لأنَّ المُتَوَرِّطين فيها كانوا عناصرَ من أبناء ديانتهم .

 

تلك حقائقُ لايمكن تكذيبُها ؛ لأنّها مُصَدَّقة بواقع صارم من وضعيّة العلاقات الحميمة التي ظَلَّ – خلال السنوات الماضية – كبارُ المسؤولين في الحكومة الهنديّة يتسابقون من أجل تعزيزها مع الدولة الصهيونيّة من خلال دعوة كبار القادة الصهاينة لزيارة الهند ، وزيارة عدد من المسؤولين الهنود رفيعي المستوى للدولة الصهيونيّة ، كما أنّ هناك سباقًا محمومًا من الحكومة الهنديّة شهدتْه السنواتُ الأخيرةُ من أجل عقد صفقات شراء الأسلحة الاستراتيجيّة من العدوّ الصهيونيّ . وظلَّت وسائلُ الإعلام تَطفح بأنباء متواصلة عنها ، عَلَّقَتْ عليها بعضُ الصحف الهنديّة ، واعتبرتْها مُؤَشِّرًا خطيرًا بالنسبة لمصير البلاد والشعب ، وبالنسبة لعلاقات الهند العريقة مع الدول العَرَبِيَّة التي تُؤْذِيها حقًّا عدواناتُ إسرائيل المُتَّصِلة مع الفلسطينيين .

 

كان رئيس الوزراء الإسرائيليّ "إيريل شارون" زار الهند مع وفد إسرائيليّ كبير يَوْمَيِ الثلاثاء والأربعاء : 9-10/سبتمبر 2003م (11-12/رجب 1424هـ) . احتَجَّ الأوساطُ العَلْمَانِيَّةُ الوطنيَّةُ ضدَّ زيارته بشكل صارخ في طول البلاد وعرضها ، باعتباره قائدَ أكبر دولة إرهابيّة في العالم . وعندها كانت حكومةُ الهند – التي كان يقودها الحزبُ الهندوسيُّ اليمينيّ المُتَطَرِّف "ب ج ب" – صَرَّحتْ دونما غموض أنَّ إسرائيل لديها تجاربُ طويلةٌ في شأن التعامل مع "الإرهاب" أي في شأن الفتك بالشعب الفلسطيني الصامد في وجه الاحتلال الإسرائيليّ؛ وأنَّ إسرائيل تقدر على أن تقوم بدور بالغ الأهميّة في شأن التعامل مع "الإرهاب" الذي تواجهه الهندُ، أي مع المسلمين الهنود الذين تعتبرهم مُنَظَّمَةُ "آر إيس إيس" وجميعُ فروعها السياسيّة والثقافيّة والفكريّة "إرهابيّين" . وانطلاقًا من فكرتها هذه صنعتْ ما صنعتْ عن طريق رجلها "نريندرا مودي" كبيرُ وُزَرَاء "غُجْرَات" بمسلمي "غجرات" من الأفاعيل ما دَوَّىٰ به الإعلامُ العالميُّ ونَدَّدَ به بشكل لم يَسْبِقْ له مثيلٌ في شأن ظاهرة من ظواهر الاضطرابات الطائفيّة الكثيرة في الهند منذ الاستقلال لحدِّ اليوم .

 

ولئن كانتْ إسرائيلُ تعتبر المسلمين الفلسطينيين العَرَبَ "إرهابيين" فإنّ منظمة "آر إيس إيس" وأفراخَها وبيضَها كلَّها تعتبر المسلمين في الهند "إرهابيين". وزيارةُ شارون للهند كانت قد جاءت نابعةً من هذا التلاقي الكامل والتناغم المتلاحم في الرُّؤَىٰ والأفكار التي تحملها كلٌّ من الصهونيّة العالميّة ومنظمة "آر إيس إيس" نحوَ الإسلام والمسلمين . ويدلّ على ذلك دلالةً صارخةً ما قاله نائبُ رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي كان يرافق رئيسَ الوزراء الإسرائيليّ في تلك الزيارة المشؤومة : "إنَّ كُلاًّ من الهند وإسرائيل تُوَاجِه مشكلةً مُمَاثِلَةً وكلتاهما تتعرّضانِ للهجمات الخارجيّة واعتداءات المسلمين الأصوليِّين الذين يعملون على هدم الحضارة". ("راشتريا سهارا" اليوميّة الأرديّة، ص:3، يوم الأربعاء: 12/سبتمبر 2003م = 21/رجب 1424هـ).

*  *  *

على كلٍّ فهناك محاولاتٌ جادَّةٌ مُتَّصلةٌ خطيرةٌ من قبل العناصر الطائفيّة المُتَسَلِّلَة إلى جميع الأجهزة الحكوميَّة ، من أجل تحويل هذه البلاد – التي رواها المسلمون بدمائهم من أجل تحريرها من نير الاستعمار البريطاني ، ومن قبل رواها الصالحون من المسلمين بدموعهم الزكيّة السخيّة لتثبيت قدم الإسلام في تربتها ، والتي حَكَمَها المسلمون نحوَ ألف سنة ، وطَرَّزوا حواشيها بالمكرمات والبطولات ، وبالحضارة المُهَذَّبَة ، والمدنيّة الراقية ، والثقافة الإسلاميَّة ، التي فتحت الطريقَ الواسعَ أمامَ أهلها إلى التنوّر والتحضّر اللذين لم يكن لهم بهما عهدٌ من ذي قبلُ .. من أجل تحويلها تضيق على المسلمين بما رَحُبَتْ على غرار المحاولات الصهيونيّة الصليبية في أجزاء كثيرة من العالم ، تحقيقًا للمطامع التوسعيّة الاستعماريّة البعيدة المدى ، الكثيرة الأهداف ، المتنوّعة الأغراض ؛ حتى يتمّ الحزقُ بالإسلام والمسلمين والانقضاضُ عليهم بضربٍ حاسمٍ لايقومون بعده .

 

إنّ ما يتمّ في الهند من توريط المسلمين في تُهَم الإرهاب ، ومن تشويه سمعة الإسلام ، ومن الإساءة إلى الشعائر والقيم الإسلاميّة ، ومن تجفيف منابع الدين لدى المسلمين التي تتمثل أوّلاً وقبل كلّ شيء في هاتي المدارس والجامعات الإسلاميّة الأهليّة التي تُرابِطُ حقًّا على الثغر الإسلاميّ الواسع في هذه البلاد العلمانيّـــة التي عريقةٌ فيها الوثنيّةُ .. هو جزءٌ من المُخَطَّط الصهيونيّ الصليبيّ الشامل الذي يُنَفَّذ في العالم كلِّه بكلٍّ من الأساليب التقليديّة وغير التقلديّة التي ظَلَّ الاستعمارُ العالميّ يستخدمها ، وظلّ يُطَوِّرها كلّما لاح له الحاجةُ إلى التطوير.

 

المسلمون لايمكن القضاءُ عليهم ما داموا مُمَثِّلِين حقًّا لرسالتهم الخالدة : الإسلام الذي جَاءَ به النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربّه ؛ ولكنهم حسب صريح قوله تعالى: قد يُبْتَلَوْن بكثير من الأشياء ، منها تألُّبُ الأعداء عليهم ؛ لأنّ أبناء الظلام يؤذيهم دائمًا سطوعُ نور الحقّ فيتسارعون ليهجموا عليه في محاولة ليطفئوه فيستريحوا للأبد ؛ ولكنّ الله لهم بالمرصاد ، فلن يتمّ لهم ما يودّونه . واللهُ مُتِمُّ نوره ولو كَرِهَ الكافرون .

*  *  *

وقد بَلَّغَتْ الجامعةُ الرسالةَ الواضحةَ إلى حكومة الهند ، وإلى كلّ عاقل يهمُّه مصلحة الوطن ، وسلامةُ البلد ، وأمنُ هذه الدولة الغالية ذات الديانات الكثيرة التي تجتمع على رصيف الوطنية المُوَحَّدة ؛ والحكومة مُطَالْبَةٌ بأن تعيَها قبل أن يَسْتَفْحِلَ الخطر ، ويبلغ السيلُ الزُّبَىٰ ويطمّ الوادي على القُرَىٰ ، وأن تستبينَ الأمرَ قبلَ ضحى الغد .                                                               نور عالم خليل الأميني

 

( تحريرًا في الساعة 11 من صباح يوم الأربعاء : 26/ صفر 1429هـ الموافق 5/3/2008م)

 

 

ربيع الثاني – جمادى الأولى 1429هـ = أبريل – مايو  2008م